سافر عرفات الذي أغضبه انتصار قوات الكيان الصهيوني المدعومة من
الغرب, إلى مصر حيث درس الهندسة المدنية فقد التحق بجامعة فؤاد
الأول بالقاهرة والتي تخرج منها كمهندس مدني.
أتاحت له دراسته في مصر الانخراط منذ شبابه في الحركة الوطنية
الفلسطينية من خلال الانضمام إلى اتحاد الطلاب الفلسطيني، والذي
تولى رئاسته فيما بعد من العام 1952 إلى العام 1956. و في القاهرة
طور علاقة وثيقة مع الحاج أمين الحسيني، الذي كان معروفا بمفتي القدس..
و بدأت في العام 1956 شخصية محمد عبد الرحمن القتالية والعسكرية
في الظهور عندما التحق بالضباط الاحتياط للجيش المصري وقاتل في
صفوفه منذ العدوان الثلاثي على مصر عام 1956بل وأبلى فيها بلاء
حسناً.
أبو عمار وفتح.
بعد حرب السويس غادر عرفات إلى الكويت وهناك أدرك أبو عمار حقيقة
مفادها أن أبناء الشعب الفلسطيني هم وحدهم من يستطيعوا إعادة
الحق المغتصب وتحرير الأرض والإنسان الفلسطيني الذي كان قد فقد
في تلك الفترة أي أمل في العودة في ظل الترهل والتفكك العربي
والمراهنة على حكومات عربية لا حول لها ولا قوة وبدأ هو ومجموعة من
رفاقه المناضلين لملمة الجرح الفلسطيني وبث روح الأمل والتفاؤل في
نفوس كسرها التشرد وأعياها الصمت وأضعفها التشرد واللجوء ليأتي
عرفات ورفاقه ويحيوا الأمل في هذه النفوس من خلال أنبل ظاهرة
عرفها التاريخ لتخرج على الناس حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح
كحركة تحرر أصبح لها احترامها بين شعوب العالم الحر كان ذلك في العام 1959.
نجحت فتح بقيادة أبو عمار في جذب الأنظار إليها والتف الناس حولها
باعتبارها المخرج الوحيد ونجحت فتح في لفظ غبار الكسل واليأس التي
انتابت المواطن العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص لا سيما
بعد نكسة حزيران 1967 وهزيمة الجيوش العربية وضياع الجزء المتبقي
من فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة) لم تعرف فتح ومن انضموا إليها
ثقافة الهزيمة هذه ولم تدخل ضمن مفردات قاموسها وبدأت فتح تخرج
من نطاق السرية لتبهر الجميع بعملياتها النوعية ضد عدو متغطرس لا
يعرف إلى الرحمة سبيل ومنذ تلك اللحظات تحولت إسرائيل بأنظارها إلى
المنظمات الفلسطينية وقيادتها ولم تتوانى للحظة عن ملاحقتهم لا
سيما الرجال الذين كونوا النواة الأولى للثورة الفلسطينية وعلى رأسهم
أبو عمار الذي تعرض لمحاولات اغتيال عدة من قبل الحكومات الإسرائيلية المتتالية.
وبعد أن أمضى سنوات في العمل السري باسمه الحركي أبو عمار
انتخب عرفات رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في
شباط/فبراير 1969 وبدأ يعرف على الساحة الدولية بزيه الزيتي القاتم
وكوفيته الفلسطينية اللذين لم يتخل عنهما يوما.