تاريخ بيت فوريك
7 الاف دونم خلال 10 ايام
بيت فوريك..نموذج استيطاني مستمر
رنا خموس: خاص بـ"إخباريات"
عنوان مكرر تعيشه قرية بيت فوريك الواقعة شرقي مدينة نابلس، من مصادرة مستمرةواعتداءات بصور مختلفة يعاني منها 11 ألف نسمة محبوسون في سجن صغير، و محاولات إسرائيلية مستمرة لتهويد الأرض ضمن مسميات أمنية واهية.
الحاج ابو شادي حنني تروي سمرة تقاسيم وجهه وعروق يديه مدى المه على فراق اشجاره الرومية التي كبرت معه وولدت مع اجداده، يقول الحاج ابو شادي " لقد كبرت مع ارضي وبيدي هايتن زرعت الزيتون والتين واللوز، واليوم لا استطيع الصوصل الى ارضي، ومنعت من الصوصل اليها وهي اليوم مصادرة بحجة امنية، 150 دونما املكها ذهبت من يدي، حاولت عدة مرات الدفاع عنها في كل مرة يتم الاعتداء علي وعلى اولادي، كنت اخرج بالصباح الباكر خلسة لارويها واقنبها، واليوم سجيوا الراض وهددوني بالاقتراب منها، راح تعبي وارث اولادي".
كلمات خانقة صدرت مع تنيهدة ابو شادي وابو صالح وابو فلاح، اصحاب الاف الاراضي التي صوردت وهددت حياتهم واخرون قتلوا بدم بارد جراء حماية حقوقهم من دولة الاحتلال، معالم ارض تتغير كل يوم، دون ان يحرك هذا الحق ضمير الانسانية.
توسع كولونيالي
يقول عبد الباسط حنني رئيس بلدية بيت فوريك، "منذ عشرة أيام بدأت جرافات الاحتلال وبحماية جنوده بشق طريق التفافي على جبل البلدة وبتجريف ومصادرة الأراضي الواقعة هناك، إذ تم تجاوز شقهم للطريق إلى أراضي القرية شمالا، والتي تبعد عن بيوت المواطنين من الجهة الشمالية 1كلم، و2 كلم من الجهة الجنوبية وتم مصادرة قرابة 7 آلاف دونم من الأراضي المزروعة بالأشجار المثمرة خلال الأيام القليلة التي مضت من تاريخ اليوم".
ويشير رئيس بلدية بيت فوريك، أن الاحتلال لم يكتف بالمصادرة فقط، إذ تتعرض أشجار القرية إلى الحرق يوميا، فخلال عشرة أيام السابقة تم حرق 30 شجرة زيتون وهي ملاصقة إلى بيوت الأهالي، إذ يقوم المستوطنون ليلا بالتسلل إلى البلدة، ويقومون بحرقها بالإضافة إلى قيام جنود الاحتلال الإسرائيلي باقتحام البلدة كل ليلة ويقومون بإرهاب المواطنين بأصوات قنابل الصوت، فضلا عن اقتلاع الأشجار المزروعة في الأراضي المصادرة ومنع المواطنين من الوصول إلى أراضيهم منذ بداية الانتفاضة.
ويوضح حنني ، إن الاحتلال الإسرائيلي ومنذ بداية احتلال القرية بالسبعينات قام بمصادرة 50% من مجمل أراضيها، والتي تبلغ مساحتها 36369 دونما ويبلغ عدد سكانها قرابة 11 ألف نسمة.
كما ويذكر "إذ قام الاحتلال ببناء مستوطنة "مخور" شرق البلدة عام 1968 وقامت بمصادرة 18 ألف دونم واستمر التوسع الكولونيالي للاحتلال القائم على مصادرة الأراضي وإحلال شعب محل الآخر، وقام ببناء مستوطنة ايتمار من الجهة الجنوبية الغربية في بداية الثمانينيات، وفي عام 1994 أنشأ بؤرة استيطانية "جدعونيم" وهي امتداد لمستوطنة ايتمار القائمة على أراضي البلدة وقرية عورتا وقاموا بمصادرة 6 آلاف دونم خلال إنشائهم لتلك البؤرة، والتي تقع على أعلى بقعة في القرية وإطلالة خلابة وهو جبل الجدوع في البلدة، والمزروعة بأشجار الزيتون والتين واللوز والعنب".
ويعرف عن بيت فوريك كما يقول رئيس بلديتها أشجار الزيتون الرومية المثمرة وبجودة زيتها ونقاءه ومناخها الجبلي وجودة تربتها التي حرم من جودتها أصحابها، فالاحتلال ما زال يواصل ممارساته التعسفية اتجاه البلدة ومواطنيها بصورة تعسفية.
مخطط سياسي
ويضيف رئيس بلدية بيت فوريك هناك مخطط سياسي لمسح تاريخ الشعب الفلسطيني، فكل زيتونة مزروعة لها قصة وتاريخ تشهد على نضال شعب بأكمله، فالمستوطنات الموجودة منها تعد زراعية كمستوطنة "مخور" والتي تقطنها20 عائلة فقط، ومنها فقط بؤر أمنية ك "جدعونيم" أما ايتمار فيبلغ عدد سكانها حوالي 1500 نسمة، فهم يخنقون ويحاصرون 11 ألف نسمة مقابل حفنة من المستوطنين كله بهدف السيطرة وخنق القرى والمدن الفلسطينية.
ويقول حنني أن البلدة محاطة بالمستوطنات ومنفذها الوحيد هو الحاجز الذي وضعته إسرائيل منذ بداية انتفاضة الأقصى، والذي لا يزال عقبة رئيسية أمام المواطنين في تنقلهم وحياتهم، فالحاجز يقوم بخنق البلدة وهو منفذها الوحيد، هذا بالإضافة إلى منع دخول القرية سوى من يحملون هوياتها فقط، وهذا اثر بشكل كبير على التجارة فيها، مما اضطر التجار إلى الهجرة من البلدة إلى مدينة نابلس لعدم حملهم هويات سكن بيت فوريك، ومما اثر أيضا على عملية التعليم والتنقل ومع مصادرة الأراضي ارتفعت نسبة البطالة لدى أهالي القرية، فالبلدة زراعية وأهلها يعتمدون على الزراعة كمصدر رزق رئيسي، ومع الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، توجه بعض منهم إلى العمل داخل إسرائيل، ولكن حتى هذا يتم بالتهريب وبصعوبة بالغة لعدم حصول العاملين هناك على تصاريح تمكنهم من الدخول إلى إسرائيل للعمل هناك، بسبب الرفض الأمني، فبلدة بيت فوريك يعرف عنها نضالها وتضحيات مواطنيها.
ويصف رئيس البلدية الوضع الصحي للبلدة بالصعب، فالحاجز يعرقل حركة المواطنين ونقلهم إلى مدينة نابلس للعلاج، خاصة لعدم وجود مركز طبي وعدم وجود سيارة إسعاف لنقل الجرحى والمرضى لوجود الحاجز، فحاجز بيت فوريك يغلق الساعة 7 مساء، وقد استشهد 7 حالات مرضية على نتيجة تأخرها ومنعها من عبور الحاجز.
بالإضافة إلى عشرات حالات الإجهاض التي تكررت على الحاجز لعرقلة وصول النساء الحوامل إلى المستشفى، وعدم استطاعة العشرات من الطلاب من الوصول إلى مدارسهم وجامعاتهم داخل المدينة، إضافة إلى عمليات التنكيل والاعتقال التي يتعرض لها المواطنون على الحاجز، صغيرهم قبل كبيرهم، هي معاناة يومية نعيشها دون أن يحرك جفن احد علينا.
وعلى الصعيد نفسه، يشير حنني أن بيت فوريك تعاني من نقص حاد في المياه والى تلوث مياهها، فالمواطنون يعتمدون على مياه آبار الجمع، رغم أن بيت فوريك تقع على اكبر مخزون مائي للحوض الشرقي في فلسطين، ونحن محرومون من مياهنا عبر مصادرتها وسرقتها من جوف أراضينا، وقد قمنا ببناء بئر ارتوازي عام 2002 لتزويد القرية بالمياه اللازمة، ولكن الاحتلال منعنا من الحفر لعمق أكثر من 300 متر للوصول إلى المياه الجوفية، وخوفنا الآن أن يمنعنا من الحصول على المياه أو حتى وصول احد إلى البئر لقربه من الأراضي المصادرة الأخيرة.
ويناشد رئيس بلدية بيت فوريك العالم والمؤسسات الأهلية والحقوقية، والسلطة الفلسطينية والطاقم المفاوض إلى الالتفات والتحرك إعلاميا وحقوقيا وسياسيا لوقف الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة والاعتداءات المتكررة على أهالي وأراضي بلدة بيت فوريك.
ملاحقة للحياة
يروي وجدي حنني كيفية استشهاد والده الحاج ابراهيم حنني (78 عاما) " والدي خرج بعد صلاة الفجر لزيارة اخواتي، استشهد على الطريق الالتفافي عند مستوطنة الين موريه بالقرب من سالم، فقد قام احد السمتوطنين المتواجدين هناك بمحاولة دهسه وهو ومجموعة شباب، وابي لكبر سنه لم يستطع الفرار، وقام السمتوطنين بالاجهاز عليه وقتله، واستشهد على الفور".
كما ويقول ابن الشهيد " حاجز بيت فوريك صورة قاتمة لللمعاناة الفلسطينية، فهناك 3 مستوطنات تحيط ببيت فوريك والحاجز هو بوابة العبور لقريتنا وقرية بيت دجن ويمنع الوصول لاي شخص لا يحمل هويتهما من الدخول، فنحن نرى الموت باليوم الف مرة على الحاجز، بالاضافة الى اعتداءات المستوطنين الذين يعرفون بشراستهم وكههم للعرب، وافتخارهم بقتل العرب، كقتل الشهيد محمد الزلموط والذي قتل بطريقة بشعة، اذ تم تقطيع جسده وتهشيم راسه بعد ان هدده المستوطنون من الوصول الى ارضه وقطف اشجار زيتونه"